المشاركات

عرض المشاركات من 2024

لأنه لم يعد هناك ما يقال

صورة
  استحضار مدينة - محمد المنسي قنديل   استحضار مدينة فيه القليل من الأسى .. وكثير من شجن الذكريات القديمة .. فالمدن لا تغيب. نحن الذين نرحل ونصاب بنزيف في الذاكرة ونبحث عبثا عن لحظة صلدة من الزمن لا تتسرب من بين أصابعنا ولا تذروها الريح .. والاستحضار هنا هو تجميع لكل خلايا الذاكرة التالفة وبعث الحياة فيها من جديد .. بصمة المدينة واحدة لا تتكرر .. وتفاصيل حياتها نهر جار لا تعود مياهه .. وعندما أسأل نفسى ـ بعد أن شاهدت العديد من المدن - ماذا تشبه مدینتي .. ماذا تشبه تلك المدينة الصغيرة المزدحمة الراقدة في قاع الدلتا الرطب الأخضر والتي تسمى المحلة الكبرى .. أي المدن وجدتها قريبة منها .. وأي الملامح مشتركة بينها وبين الأخريات؟ .. لا أعرف .. ذات مرة .. كنت أتجول في طرقاتها أنا والقاص الكبير ادوار الخراط في زيارته الوحيدة للمحلة قال لي: أنها تشبه مدن الهند. ولكن لم أذهب إلى الهند. لذلك بقيت المحلة لا توجد في أي مكان آخر سوى في المحلة. إن المرء دائما في حاجة إلى مدينة تشبه تضاريسها تجاعيد جلده ويختلط فيها الطين بذكريات الطفولة والطرقات بدورات العصافير والصباحات الباردة في الشتا...

النيل ينبع من جبل المقطم - قصة: فؤاد حجازي

صورة
  هم بالسؤال عن كيفية تناول الطعام. أدرك المسئول ما يجول بخاطره. ابتسم وقال: - الغشاء ينشع منه الطعام الذي يقدم هنا. كان يثق بأنهم يعملون لمصلحته، وفي الوقت نفسه لم يفهم سبب لصق غشاء على فمه. وقال في نفسه: ربما لحكمة لا أعلمها. وامتلأت نفسه بالتقدير، وهو يسترجع كلمات المسئول "أنت لا تدري كم كلفنا صنع هذا الغشاء من مال، وأي وقت أمضاه الباحثون في العمل، لتحصل على هذا النسيج الرقيق، بالمواصفات التي نريدها". وعندما رفع حاجبيه دهشا، نظر إليه، وقال: "نحن لا نبالي بأي تعب من أجل الإنسان". ليس من المعقول بعد ذلك أنهم يقصدون به شرا.. ؟! .. وبالتأكيد سوف يقدرون تعبه.. ؟! .. لقد دأب كمواطن غيور على التفكير في مشكلات بلاده. وعندما واجهته مشكلة "منبع النيل"، ظل مؤرقا ليالي طويلة لم يرضه أبدا أن ينبع النيل من خارج الوطن. قرأ الخرائط الجغرافية والجيولوجية لبلادنا. واطلع على كثير من الأبحاث في هذا الشأن. امتلأت نفسه بالفرح، عندما اهتدى في بحثه إلى أن جبل المقطم مكون من أحجار رسوبية بفعل بحرنا الأبيض، في الزمن القديم. ومما ضاعف فرحه أن الجبل في قلب عاصمة البلاد. فأي توفيق ...

حكاية عبده عبد الرحمن

صورة
  . . . .  وأنا رجعت أعيش مع محمد أفندي وعلي أفندي. قعدت معهما قليلا لكنهما عادا يقولان إن الأحسن لنا أن نسكن كل اثنين معا في حجرة، وفعلا نقلاني أسكن مع واحد لا أعرفه، ولكنه يعمل معنا في المصنع.   وكانت علاواتي ماشية، وأجري وصل إلى عشرة قروش في اليوم وتبقى معي ما يمكنني من شراء تذكرة سفر إلى دمنهور فقلت لنفسي في أجازة العيد أزور خالي، من زمن لم أره لا هو ولا أمي ولا أختي. *** قابلني خالي بترحاب، وبعد الغذاء قال لي: "خد أمك". أدهشني كلامه قلت: "لماذا؟" .. قال: "إنها مسئوليتك فتحملها من الآن" .. قلت له: "كنت أظن أن الست امرأة خالي لا تستغني عنها" .. قال في اختصار: "أمك سوف ترتاح عندك" .. قلت له: "مرتبي عشرة قروش في اليوم" .. قال: "وماله." فهمت من إصرار خالي أن زوجته هي التي لا تريد أمي عندها، وخالي يريد أن يرضيها كما يفعل دائماً، ولكني كنت مخطئاً في استنتاجي هذا، إذ أن أختي أخبرتني فيما بعد أن خالي متضايق لأن زوجته تعامل أمي باحتقار شديد. *** وفعلا أخذت أمي معي في الحجرة مع شريكي. وأمي فيها عيب كبير بالنسبة لرجل فقير م...