لأنه لم يعد هناك ما يقال
استحضار مدينة - محمد المنسي قنديل استحضار مدينة فيه القليل من الأسى .. وكثير من شجن الذكريات القديمة .. فالمدن لا تغيب. نحن الذين نرحل ونصاب بنزيف في الذاكرة ونبحث عبثا عن لحظة صلدة من الزمن لا تتسرب من بين أصابعنا ولا تذروها الريح .. والاستحضار هنا هو تجميع لكل خلايا الذاكرة التالفة وبعث الحياة فيها من جديد .. بصمة المدينة واحدة لا تتكرر .. وتفاصيل حياتها نهر جار لا تعود مياهه .. وعندما أسأل نفسى ـ بعد أن شاهدت العديد من المدن - ماذا تشبه مدینتي .. ماذا تشبه تلك المدينة الصغيرة المزدحمة الراقدة في قاع الدلتا الرطب الأخضر والتي تسمى المحلة الكبرى .. أي المدن وجدتها قريبة منها .. وأي الملامح مشتركة بينها وبين الأخريات؟ .. لا أعرف .. ذات مرة .. كنت أتجول في طرقاتها أنا والقاص الكبير ادوار الخراط في زيارته الوحيدة للمحلة قال لي: أنها تشبه مدن الهند. ولكن لم أذهب إلى الهند. لذلك بقيت المحلة لا توجد في أي مكان آخر سوى في المحلة. إن المرء دائما في حاجة إلى مدينة تشبه تضاريسها تجاعيد جلده ويختلط فيها الطين بذكريات الطفولة والطرقات بدورات العصافير والصباحات الباردة في الشتاء والطرقا