كليلة ودمنة




(من باب برزويه المتطبب)

فالتمست للإنسان مثلاً، فإذا مثله مثل رجل نجا من خوف فيل هائج إلى بئر، فتدلّى فيها ، وتعلق بغصنين كان على سمائها، فوقعت رجلاه على شيئ في طي البئر، فإذا حيات أربع قد أخرجن رؤسهن من أجحارهناّ. ثم نظر فإذا بقعر البئر تنِّين فاتح فاه منتظر له أن يقع فيأخذه. فرفع بصره إلى الغصنين فإذا في أصلهما جرذان أسود وأبيض وهما يقرضان الغصنين دائبين لا يفتران. فبينما هو في النظر لأمره والإهتمام لنفسه، إذ أبصر قريباً منه كوَّارة فيها عسل نحل، فذاق العسل، فشغلته حلاوته والهته لذته عن الفكرة في شيئ من أمره ، وأن يلتمس الخلاص لنفسه ولم يذكر أن رجله على حيات أربع لا يدري متى يقع عليهن . ولم يذكر أن الجرذين دائبان على قطع الغصنين، ومتى انقطعا وقطع التنين فلم يزل لاهياً غافلا مشغوفاً بتلك الحلاوة حتى سقط في فم التنين فهلك.

فشبهت بالبئر الدنيا المملؤة آفات وشروراً ومخافات وعاهات . وشبهت بالحيات الأربع الأخلاط الأربعة التي في البدن، فإنها متى هاجت أواحدها كانت كحمة الأفاعي والسم المميت. وشبهت بالغصنين ، الأجل الذي لا بد لانقطاعه. وشبهت بالجرذين الأسود والأبيض الليل والنهار اللذين هما دائبان في إفناء الأجل . وشبهت بالتنين المصير الذي لا بد منه. وشبهت بالعسل هذه الحلاوة القليلة التي ينال منها الإنسان فيطعم ويسمع ويشم و يلمس ويتشاغل عن نفسه ، ويلهو عن شأنه ، ويصد عن سبيل قصده . فحينئذ صار أمري إلى الرضا بحالي وإصلاح ما استطعت إصلاحه من عملي لعلي أصادف باقي أيامي زماناً أصيب فيه دليلاً على هداي ، و انتسخت كتباً كثيرة ، وانصرفت من بلاد الهند وفد نسخت هذا الكتاب.

علم الأخلاط الأربعة **
علم الأخلاط الأربعة هو أساس علم الطب في معرفة الطب وما يتعلق به وهو علم يعرف به أحوال الأبدان صحة ومرض الأبدان وغايته بقاء الصحة ودفع الأمراض ومباحثه لا يمكن ضبطها فينبغي صرف العناية إلى ما يمكن منها.
واعلم أن جميع الأمراض إنما تحدث عن فساد المزاج بفساد بعض الأخلاط المركب منها، الناشئ ذلك عن التخليط في المتناولات (الأطعمة ) والهواء والأماكن والصناعات والفصول والنوم والحركة والسكون والبدنيين والنفسيين والاحتباس والاستفراغ.

* فصل الأخلاط الأربعة:
1 - الخلط الصفراوي: وهو حار يابس ومسكنه بالبدن المرارة.
2 - الخلط الدموي: وهو حار رطب ومسكنه بالبدن الكبد.
3 - الخلط البلغمي: وهو بارد رطب ومسكنه بالبدن الرئة.
4 - الخلط السوداوي: وهو بارد يابس ومسكنه بالبدن الطحال.
* فهذه الأخلاط الأربعة بها قوام البدن ومنها صلاحه فصحته، ومنها فساده
فمرضه .
وهي موجودة بأجسامنا مقادير متساوية بالجسم السليم، ومتفاوتة بالجسم العليل.
* تأثير هذه الأخلاط الأربعة على أمزجتنا.
اعلم أن المزاج الطبيعي لم يقع في الأبدان مستويًا على الاعتدال، ولكن اختلف فزاد بالحرارة وزاد بعضه بالرطوبة مع البرودة واليبوسة، فانقسم إلى أربعة أمزجة معلومة:
1 - المزاج الصفراوي:
وهو الذي يكثر فيه اليبس والحرارة، وقل فيه البرد والرطوبة.
إذا زاد بالجسد المزاج الحار اليابس وهوبالطبع ( الخط الصفراوي) قل فيه المزاج البارد الرطب وهو بالطبع (الخلط البلغمي).
فنلاحظ هنا أن الحرارة عكس البرودة واليبوسة عكس الرطوبة فيستحيل هنا زيادة أحد الأخلاط أو الأمزجة في هذا المثال مع بعضهما أي زيادة هذان الخلطان مع بعضها يستحيل وكذلك نقصاهما بالجسد مع بعضهما يستحيل فواجب بأمر من الله تعالى أن زيادة الخلط أو المزاج بنقص الآخر بالتبع له.
* علامة صاحب المزاج الصفراوي:
سرعة الحركة في جميع الأحوال والإقدام في الأموروالشجاعة والغلبة = أي الكرم، وجودة الفهم ونحافة الجسم، وقلة النوم، وإذا كانت الحرارة أكثر من اليبوسة كان لون صاحبه أحمر، وإذا كان اليبس أكثر من الحرارة كان أُدم اللون مشربًا بحمرة، وإذا استويا الحرارة واليبس كان أصفر اللون.
2 - المزاج الدموي:
وهو الذي كثر فيه الحرارة والرطوبة وقل فيه البرودة واليبس.
إذا زاد بالجسد المزاج الحار الرطب وهوبالطبع ( الخلط الدموي) قل فيه المزاج البارد اليابس وهو بالطبع (الخلط السوداوي).
فنلاحظ هنا أن الحرارة عكس البرودة والرطوبة عكس اليبوسة فيستحيل هنا زيادة أحد الأخلاط أو الأمزجة في هذا المثال مع بعضهما أي زيادة هذان الخلطان مع بعضها يستحيل وكذلك نقصاهما بالجسد مع بعضهما يستحيل فواجب بأمر من الله تعالى أن زيادة الخلط أو المزاج بنقص الآخر بالتبع له.
* علامة صاحب المزاج الدموي:
أن يكون طيب النفس، حسن الأخلاق عبل البدن كثير اللحم كثير الدم كثير النوم بليد الحواس كسلا متوسط أومعتدل الفهم،، إذا كانت الحرارة فيه أكثر من الرطوبة كان أحمر اللون، وإذا كانت الرطوبة أكثر من الحرارة كان أبيض مشربًا بحمرة، فإذا استويتا كان أشقر اللون بين البياض والحمرة.
3 - المزاج البلغمي:
وهو الذي كثر فيه البرودة والرطوبة وقل فيه الحرارة واليبوسة.
إذا زاد بالجسد المزاج البارد الرطب وهو بالطبع (الخلط البلغمي) قل فيه المزاج الحاراليابس وهو بالطبع (الخلط الصفراوي ).
فنلاحظ هنا أن البرودة عكس الحرارة والرطوبة عكس اليبوسة فيستحيل هنا زيادة أحد الأخلاط أو الأمزجة في هذا المثال مع بعضهما أي زيادة هذان الخلطان مع بعضها يستحيل وكذلك نقصاهما بالجسد مع بعضهما يستحيل فواجب بأمر من الله تعالى أن زيادة الخلط أو المزاج بنقص الآخربالتبع له.
* علامة صاحب المزاج البلغمي:
يكون عبل البدن كثير الشحم كثير الرطوبات كثير النوم كسلا بطئ الحركة بليد الفهم كثير النسيان لا يكاد يحفظ شيئًا وإذا كان البرد فيه أكثر من الرطوبة كان أبيض اللون حصي اللون، وإذا كانت الرطوبة أكثر من البرودة كان أبيض اللون قريبًا من البرص، وإن استويتا كان رصاصي اللون.
4 - المزاج السوداوي:
وهو الذي كثر فيه البرد مع اليبس وقل فيه الحرارة والرطوبة.
إذا زاد بالجسد المزاج البارد اليابس وهو بالطبع (الخلط السوداوي) قل فيه المزاج الحار الرطب وهو بالطبع (الخلط الدموي).
فنلاحظ هنا أن البرودة عكس الحرارة واليبوسة عكس الرطوبة فيستحيل هنا زيادة أحد الأخلاط أو الأمزجة في هذا المثال مع بعضهما أي زيادة هذان الخلطان مع بعضها يستحيل وكذلك نقصاهما بالجسد مع بعضهما يستحيل فواجب بأمر من الله تعالى أن زيادة الخلط أو المزاج بنقص الآخر بالتبع له.
* علامة صاحب المزاج السوداوي:
أن يكون ضخم الأعضاء نحيف الجسم كثير الكد قليل النوم لا صبر له عن الجماع وعليه فيه ضرر عظيم، إذا كان البرد فيه أكثر من اليبس كان كمد اللون، وإذا كان اليبس فيه أكثر من البرد كان أغبراللون، وإذا استويتا فيه كان رصاصي اللون.

** منقــول من الموقع التالي :

تعليقات