تلك الحركة الرائعة

- اليوم الأول

فتح الآدمي القفص، وضع معها ذكرا، ورحل.

دار الببغاء حولها عدة مرات محاولا لفت انتباهها، لكن دون جدوى .. حاول أن يقترب منها أثناء تناول الطعام؛ فنقرته .. لملم كبرياءه وابتعد مصطنعا اكتشاف سجنه الجديد.

- اليوم الثاني

لم تجده أمامها عندما استيقظت، فانقبضت روحها حزنا على فقدان الونس. وفجأة هبط أمامها من أعلى القفص (الذي كان متشبثا به بقدميه ومنقاره) وهو يبتسم لها. نقرته بغيظ مرتين في رأسه، صرخ وظل قابعا في ركن القفص طيلة الصباح.

فشلت في وأد ضحكتها عندما نظرت إليه بعد قليل. أثناء تناول الطعام؛ أفسحت له مكانا بالقرب منها. إلا أنه كان يشعر بفقدان التوازن من أثر النقرتين، فنام من شدة التعب .. غضبت من تجاهله لها فركلت إناء الطعام بقوة حتى تبعثر كل ما فيه بأرجاء القفص الصغير .. استيقظ جائعا – أثناء نومها - فوجد الطعام أمامه، نظر إليها في امتنان وود وعلم بأنه قد نجح في لفت انتباهها.

- اليوم الثالث

كانت أرضية القفص المتسخة بالأمس؛ نظيفة جدا في الصباح – إذ كان جائعا بشدة- الأمر الذي جعلها تشعر بالخجل من حماقتها وتعجب بتصرفه المهذب فابتسمت له .. ابتسامتها؛ شجعته أن يعرض مهاراته عليها في حماس وزهو .. في البداية، كانت تنظر وتبتسم، ثم بعد فترة ملت حركاته وثرثرته عن نفسه فتجاهلته .. قال لها وهو يقوم بإحدى حركاته: "انظري إلى تلك الحركة الرائعة" .. قالت دون أن تنظر إليه: "لا شيء رائع داخل القفص" .. قال: "نحن" .. قالت: "سجينان".

فتح الآدمي القفص، ووضع إناء الطعام في منتصفه، ورحل. 

قام ودفع الإناء ناحيتها وابتعد .. ابتسمت، ثم قامت ودفعت الإناء ناحيته وابتعدت .. ابتسم، وكرر الأمر دون أن يبتعد .. ابتسمت وقلدته .. في الثالثة؛ تلامس جناحيهما، أدارت رأسها خجلا. تذكر رأسه فابتعد.

في الليل، بعد أن نامت، طفق يفكر في حركة رائعة تأسرها .. تفقد أسلاك القفص كلها بعناية، إلى أن لاحظ سلكا ضعيفا في الجانب الأيسر العلوي .. ظل يجذب السلك بمنقاره ويدفعه بقدميه حتى استطاع في النهاية أن يحركه من مكانه نحو الخارج .. السلك المجاور كان أسهل في التحريك من سابقه، إذ أنه بعد تحريك الأول، باتت عملية التحكم أيسر .. عقب ذلك، تشبث بقدميه جيدا في الأسلاك المجاورة للنافذة الصغيرة التي أحدثها، محاولا أن يُخرج رأسه منها، فظل يضغط رأسه داخلها بكل ما أوتي من قوة، حتى نجح أخيرا في إخراجها.

- اليوم الرابع

عندما استيقظت، رأت الببغاء يطل برأسه خارج القفص، فقالت في دهشة حقيقية: "تلك حركة رائعة" ثم استطردت في خجل: "نحن نستطيع أن ..." 

فتح الآدمي القفص، أخذ الببغاء الميت، بعد أن خلص رقبته من السلكين الذين قد غرسا فيه، ورحل.

تعليقات

  1. ومن الحب ماقتل...تصدق زعلت عليه اوووي...حلوة اوووي يا ريس

    ردحذف
  2. ليه الحزن ده كده زعلتنى
    عن جد انت مبدع فى القصص القصيره وخير الكلام ما قل ودل

    صباحك افراح

    ردحذف
  3. الزملاء الأفاضل اللي منورين المدونة بتعليقاتهم الجميلة: "تركيب - كارول - زهراء"
    :))
    مساء الخير والفرح والسعادة على حضراتكم جميعا .. ربنا يكرم حضراتكم ويبارك فيكم جميعا، متشكر جدا على مروركم وتشجيعكم والله
    :))
    بجد سعيد أن البوست عجب حضراتكم، وباعتذر لحضراتكم جدا إذا كان ضايقكم، أنا كمان اتأثرت بالنهاية وأنا باكتبها. بس بصراحة البوست عجبني .. لما كتبته في الأول، كان رومانسي، بس كان فاضي، ما بيقولش أي حاجة، خلاف الفذلكة اللي كنت طافحة منه بشكل غير منطقي ولا يتماشى إطلاقا مع اتنين بغبغانات .. كمان كان طويل، رغي كتير بأسلوب مش ساخر حتى!! يعني اللي كان هيقراه ما كانش حتى هيضحك. أعتقد أن كده أحسن.
    :))
    اللي مزعلني جدا ومعكنن عليا دلوقت أن قوائم المدونات كلها اختفت بعد ما غيرت شكل المدونة!! أدعي عليك بإيه بس في عيد الأم يا جوجل؟؟
    :))
    تحياتي وتقديري

    ردحذف